الوزير الوزير
عدد المساهمات : 153 تاريخ التسجيل : 18/08/2011 العمر : 47 الموقع : https://rebe.yoo7.com
| موضوع: هجرة بعض القبائل الليبيه إلى مـصـر الجمعة سبتمبر 30, 2011 7:45 pm | |
| هجرة بعض القبائل الليبيه إلى مـصـر
تعيش في مصر كل من قبائل أولاد علي والجوازي والبراعصة والفوايد وأولاد فايد والهنادي والفرجان والبهجة والجميعات والجهمة والقطعان والجبالية والرماح والحبون والعمايم والحوتة وهوارة والحسون وأولاد سليمان وأولاد الشيخ وغيرهم من أبناء قبائل ليبيا، وهذه القبائل نزحت إلى مصر في أوقات متفاوتة وفي ظروف مختلفة. وأحد المصادر الشفوية التي سجلت لنا حضور هذه القبائل في مصر الشاعر البدوي عنصيل - من قبيلة البراعصة بيت خضرة - عندما وقف أمام ضريح الحسين في كربلاء مواسياً إياه، ومتأثراً بموقف بعض القبائل العربية في العراق لعدم نصرتها لابن رسول الله عليه الصلاة والسلام. فبث كربلاء شعراً كان لأصدائه ردود بين العرب في ليبيا. وخاطب عنصيل كربلاء بأن له من قبائل العرب الليبية من سينجد الحسين ويرد عنه مظلوميته إذا ما أعيدت الكرة على جيش ابن زياد يوم الطف فقال:
تمنيت في الفين فوق احصنه نهار كربلاء ونجيه قبل يجنه فواق جوايد فراسين كسر صاحبات عوايد رماح وجوازي يفزعن وفوايد ونا لولي اللي نقول هايا عنه
وهنا يذكر الشاعر قبيلة الرماح، التي هاجرت في القرن التاسع هجري (الخامس عشر ميلادي)، مع كل من قبيلتي الفوايد والجوازي اللتين هاجرتا مع نهاية القرن الثامن عشر وفي بداية القرن التاسع عشر، وجميعهم الآن موجود في مصر. طرد الجوازي وأخوتهم الجبارنة قبيلة الفوايد، ومن ثم طردت قبائل العلايا الجوازي إلى مصر حتى سمت بعضها صعيد مصر من العدوة الغربية من النيل ببرقة الشرقية، وتوجد هناك منطقة تسمى بـ "وادي برقة". والقبائل سالفة الذكر كان من بين رجالاتها من شارك في صنع تاريخ مصر الحديث. فمثلاً عائلة آل الباسل - قبيلة الرماح وتعرف أحياناً بالبراغيث - برز منها الأخوان حمد باشا الباسل وعبد الستار بك الباسل. فكان حمد باشا (1871-1940م) أحد مؤسسي حزب الوفد ومن رجالاته العظام تحت قيادة سعد زغلول، ومن ثم نفي كلاهما إلى مالطا. كان حمد شاعراً فحلاً، وهذا ليس غريباً لان أخواله من عائلة الخضرة قبيلة البراعصة، كما كان يعتز دائماً بلباسه البدوي "يعرف آنذاك بالزي المغربي" حتى سمي عمدة قبيلة الرماح. أما عبد الستار بك فكان عضواً بارزاً في مجلس شيوخ المملكة المصرية وأحد رجال حزب الأحرار الدستوريين الكبار. وكذلك المهندس أبوبكر محمد حمد الباسل عضو مجلس الشعب ورئيس لجنة الزراعة بالمجلس . ولآل الباسل من المآثر ما لا يعد ولا يحصى في عون المهاجرين والمجاهدين الليبيين إبان الاحتلال الإيطالي لليبيا حيث كانت بيوتهم ومزارعهم وعزبهم حتى قصرهم الشهير في الفيوم ملاذاً لكل اللاجئين الليبيين. كذلك الشيخ عيسى عبد الجليل تخرج من الأزهر وحصل على العالمية منه، ومن ثم رجع إليه ليصبح بمرسوم ملكي شيخاً لكلية أصول الدين بالأزهر ومن ثم شيخاً لكلية اللغة العربية سنة 1947م، ومن بعدها عين عضواً في لجنة الفتوى بالأزهر الشريف. ترك بعد رحيله صدقات جارية منها تفسيراً للقرآن الكريم المسمى "تيسير التفسير"، وكتاب "اجتهاد الرسول" وكتاب "صفوة صحيح البخاري". ومن القبائل التي أهملت ذكرها أغلب المصادر الليبية قبيلة الجبالي أو الجبالية، وليست لهم علاقة بتجمع الجبالية من الأمازيع ممن يسكن جبل نفوسة. بل نسبة إلى جدهم الذي دعا له الشيخ أحمد الزروق قبل ميلاده بأن يكون جبلاً، وبعد ميلاده سمي محمداً ولكن كناه العرب، تبركاً وتيمناً بدعاء الشيخ، بالجبالي. وترجع أصول قبيلة الجبالي إلى العيايدة في قبيلة السوالم (أولاد سالم) العربية التي كانت تقطن في ساحل الأحامد في القرن السابع عشر ميلادي. وعرف عنهم سطوتهم وصولتهم ما بين ساحل الأحامد مروراً بصحراء سرت حتى الجبل الأخضر في برقة. وكانت العرب تأتمر بأوامرهم وتنتهي بنواهيهم، كما كان الحكام الأتراك يتوددون إليهم ويتملقونهم من باب المصانعة حتى لا يحولوا بينهم وبين برقة ليمدوا نفوذهم إليها. وبادلهم الجبالية نفس الشعور حتى لا يفتحوا جبهات هم في غنى عنها. ولكن كان لهم مع أبناء عمومتهم من أولاد سليمان كثير من الخصام والثارات، التي سرعان ما طفحت، فتصادم أولاد سليمان ومعهم قبيلة الجهمة ضد الجبالية. واستعان الفريق الأول بقبيلة المحاميد القوية ضد خصومهم، فانكسرت شوكة الجبالية وانهزموا، فجلا بعضهم إلى مصر ونزلوا في الفيوم. ويصفهم الشيخ المؤرخ الطاهر الزاوي: ومازالوا يعرفون بأسرة الجبالي، وهم في عز ومنعة وثروة طائلة، وفي مقدمة وجوه العرب في مصر يشار إليهم إذا ما عدت الأسر العربية ذات الحول والطول.
وقبيلة الجهمة تقيم في مركز القوصية بمحافظة أسيوط، وهناك قرية تسمى باسمهم، ومنهم الدكتور نبيل عبد الله العربي ممثل مصر سابقاً في الأمم المتحدة والقاضي بمحكمة العدل الدولية في لاهاي التي قضت بعدم شرعية السور العنصري العازل الذي أقامه شارون بين الضفة الغربية وبقية فلسطين سنة 2004م.
وقبيلة الجوازي عرفت بتربيتها للخيول العربية الأصيلة وتوريد الجمال والماشية من برقة لأهم المدن على طول مجرى النيل. وكذلك قصتهم الشهيرة مع والي مصر، محمد سعيد باشا أصغر أولاد محمد علي باشا سنة 1854م، المعروفة بقصة "عمر المصري والطرابيش المغربية" عندما أراد أن يضرب أولاد علي بالجوازي وما ترتب على هذه الأحداث من قتل وغدر. ولعل أشهرهم في ثمانينات وتسعينيات القرن المنصرم هو الفريق صفي الدين بوشناف الذي كان رئيساً لأركان الجيش المصري، وأشرف على القوة المشاركة من الجيش المصري في حرب الخليج الثانية عام 1991م ضد العراق في تحرير الكويت. أما الفوايد المشهورة في الصعيد المصري بالمنيا أصحاب الباع الطويل في سعة المال ومكارم الرجال وفي مقدمتهم بيت الكيشار الحائزين لأكبر الألقاب والرتب في مصر. وعائلة الكيشار هم أخوال الشيخ عبد السلام الكزه، أحد عمد قبيلة العواقير، ومن ذوي الشأن والرأي في جهاد برقة ضد إيطاليا. وبإعدام الشيخ عمر المختار وتوقف القتال في برقة هاجر الشيخ عبد السلام إلى مضارب أخواله وعاش هناك معززاً مكرماً بينهم ينتظر العودة للوطن حتى وافته المنية في المنيا سنة 1940م. ومن مشاهير آل الكيشار لملوم بك السعدي الذي انتدبته الحكومة المصرية والتركية في بنغازي لرأب الصدع بين قبائل برقة مرات عديدة. كذلك محمد عبد الله لملوم عضو لجنة الدستور والسيد عبد العظيم المصري أحد مؤسسي بنك مصر. ومن خدور نسائهم كانت السيدة عالية بنت واحد من أكبر أنصار السنوسية في مصر عبد القادر باشا لملوم – وحفيدة لملوم بك السعدي - التي ذاع صيتها عندما اقترنت بملك ليبيا، السيد إدريس ابن السيد المهدي السنوسي، في زواج تم سنة 1955م بحضور الرئيس المصري جمال عبد الناصر شاهداً رئيسياً على العقد في السفارة الليبية بالقاهرة. ولهذا فإن مدناً مصرية كالإسكندرية والفيوم والمنيا وغيرها أصبحت عوضاً لهم عن حواضر برقة كبنغازي ودرنة. ففي الإسكندرية يوجد سوق المغاربة نسبة لليبيين الذين يسمون أحياناً بالمغاربة. وللعلم كل من يأتي من غرب مصر يسمى مغربي، كما من يأتي من بلاد الشام يسمى عندنا شامياً، وكذلك من بلاد السودان بالسوداني وهلم جر. وفي سوق المغاربة يوجد شارع يسمى بـ "زقاق المغاربة" وكذلك "زنقة الستات" حتى يومنا هذا. وكلمة "زنقة" من الاستخدامات المغاربية التي أشاعها الليبيون في مصر. وفي هذا السوق تحاك افضل الأزياء البدوية الليبية – كاط ملف - التي يشار إليها بالطرزة الاسكندرانية لجودة قماشها ورونق تفصيلها.
وتعيش هذه القبائل في ضواحي الإسكندرية إلى أقصى الغرب في عقبة السلوم على الحدود الليبية المصرية الحالية. وفي مثلث البحيرة، والواحات كواحة سيوة، وكذلك في الدقهلية والمنوفية والشرقية والغربية والجيزة. وفي الصعيد في الفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وغيرها من أراضي مصر. ويلاحظ تمركزهم في المناطق الريفية والصحراوية بعيداً عن الحواضر الكبيرة كالقاهرة والإسكندرية حتى أن المدن الكبرى خلت من الزوايا السنوسية باستثناء زاوية يتيمة في القاهرة، ومرجع ذلك عدم ملائمة المدن لنمط حياة هؤلاء البدو. فمنحتهم مصر الحرية في استيطان صحرائها ونعمة مياه نيلها التي حمتهم وحمت دوابهم من ظمأ رمالها القاحلة. وتكون بعض هذا القبائل مجتمعات مستقلة في قرى وعزب ونجوع كاملة سواء في الضبعة والعلمين والحمام وسيدي براني وبرج العرب والعامرية، أو في الفيوم وكفر الزيات و الدلنجات، فعمروا طريق الصحراء من الإسكندرية حتى الحدود الليبية غرباً والصعيد جنوباً. ويتميزون عن بقية شرائح المجتمع المصري بطابعهم البدوي الليبي وهنالك نجوع خاصة بهذه القبائل كنجع القطعان وأولاد الشيخ وغيرها، ممن لا يزالون يتحدثون باللهجة الليبية البدوية ويتسمون بأسمائهم البدوية كاحميدة وعطيوة ومراجع وحمد وبوعباب وبوشناف وغيرها، وكذا طريقة قرضهم للشعر التي يستحيل تمييزها عن مثيلاتها في برقة.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم قبيلة أولاد علي الذين يزيد تعدادهم عن المليوني نسمة - مما جعلهم اكبر قبيلة عربية في مصر - والجوازي الذين يقدر البعض عددهم بمئات الآلاف، بل يؤكد بعض الجوازي بأن عددهم يصل قرابة المليون. أضف إلى ذلك القبائل الأخرى السالفة الذكر سواء في مصر أو تونس، أو حتى تشاد التي نعرف عنها القليل، فان الرأي الذي يقول بأن عدد الليبيين خارج الوطن أكثر ممن هم بداخله فيه الكثير من المصداقية مما يرجح قبوله. فقبيلة أولاد علي أكبر قبيلة ليبية هُجرت إلى مصر، ومن ثم تبعتها قبيلة الجوازي - ثاني اكبر قبيلة في برقة - والتي هُجرت على بكرة أبيها قسراً إلى مصر باستثناء عدد من العائلات التي ذهبت إلى الجزائر والمغرب الأقصى والبعض الأخر الذي انطوى تحت قبائل وعائلات أخرى في ليبيا. ولكن بقيت أسباب هجرة أولاد علي وحيثياتها من القضايا الغامضة ليومنا هذا بقدر غموض ولائهم القطري. فعندما ساءلت بعضاً منهم إلى أي القطرين، مصر أو ليبيا، ينتمي ؟ كان الجواب الذي ردده لي أكثرهم هو: أنهم عرب بدو يعيشون في مصر، لا يعّرفون أنفسهم بهوية المصري أو الليبي، وإنما يرتاحون مع هوية العربي البدوي الذي عاش في فترة من الزمن في برقة ويعيش الآن في مصر … وكفى.
ومن الوثائق النادرة التي تسرد لنا قصة تهجير أولاد علي "تجريدة حبيب". تلك الرواية الشعبية التي حفظت لنا أخبار اكبر هجرة قبلية عرفتها ليبيا منذ هجرة قبيلة زويلة البربرية عن فزان إلى مصر في القرن العاشر ميلادي. وللعلم ينسب إلى زويلة ذاك الباب العظيم ذو المنارتين الذي لازال يعرف بباب زويلة في القاهرة. وتجريدة حبيب تداخل فيها كثير من الخيال مع الحقائق، ويغلب على هذه الهجرة الرواية الشعبية التي اصطبغت بالنزعة الأدبية وتوسع فيها الخيال إلى ما بعد المعقول، فأصبحت كقصة "أبوزيد الهلالي". وما يجرح الرواية كونها وردت من طرف واحد وهو الطرف المنتصر - قبيلة العبيدات وحلفائهم المحليين من البدو - بينما أهملت ذكر دور الحضر والتواريخ وحتى الحاكم التركي إلا عرضاً. على أي حال، تبقى هذه الرواية بعلتها تحكي مضمون ما صح في شأن إحدى كبرى قبائل ليبيا من تنكيل وتهجير، واختلف البعض حتى في تواريخ حدوثها فالمؤرخ البرقاوي المرحوم بازامه يقدر أنها حدثت سنة 1633م (1043هـ). بيد أن الأستاذ خير الله فضل عطيوة في دراسته التي أعدها حول هذه القبيلة - وهو من أبناء القبيلة وشغل منصب أمين عام محافظة مطروح التي تشكل قبيلته الأغلبية في تلك الربوع – يقول إن التجريدة كانت في سنة 1670م (1081هـ).
وعلى الرغم من أن هذه القبائل كادت تنعزل في نجوعها الخاصة داخل مصر إلا أنها سرعان ما التفت مع الحركة الوطنية في التصدي للحملة الفرنسية التي قادها نابليون على مصر. هذا التصدي تمثل في حالتين متتابعتين. الأولى قاد فيها الشيخ محمد المهدي شيخ أولاد علي بالبحيرة جانباً من حركة المقاومة الشعبية المصرية في دمنهور وسنهور والرحمانية بمنطقة البحيرة، وذلك عندما بدأت الحملة الفرنسية بالإسكندرية في يوليو من عام 1798م (1213هـ). وكان حينها عدد سكان الإسكندرية لا يزيد وقتئذ على ثمانية آلاف نسمة بينما قوة الغزاة فاقت 36,000 مقاتل مزودين بأحدث معدات أوروبا الحربية. فما كان على حاكم الإسكندرية، السيد محمد كريم، إلا أن يبعث إلى بدو قبائل أولاد علي والجميعات والهنادي بالبحيرة يستنجد فيهم غيرة الإسلام ونخوة العرب ويطلب منهم تلبية واجبهم الديني والوطني نحو مصر. فتجمع فرسان هذه القبائل مع الفلاحين والتحموا مع الفرنسيين في مواقع عدة وقتلوا المئات من جنود العدو مما أعاق تقدمهم نحو القاهرة. والثانية عندما وقف أبناء قبائل الجبل الأخضر ببرقة أمام الغزاة الفرنسيين الذين أرادوا إنزال جنودهم في ميناء درنة ومن ثم عبور الصحراء الشرقية لكي يواصلوا سيرهم إلى الأراضي المصرية براً في شهر يونيو من سنة 1801م (1216هـ). وبعد اندحار الفرنسيين بدا للعيان ثقل هذه القبائل في الساحة، ولفتت قبيلة أولاد علي نظر المهتمين والمتطلعين. فكان الشيخ محمد المهدي من المتصدرين على مسرح الحوادث السياسية، واشترك مع السيد عمر مكرم والشيخ عبد الله الشرقاوي وغيرهم في تولية محمد علي (الكبير) باشا والياً لمصر. وقد ساهمت قبيلة أولاد علي في حملة محمد علي باشا ضد المماليك ومذبحته الشهيرة لهم في القلعة ومطاردة من بقى من المماليك في الوجه البحري إلى أقاصي الصعيد الذين كانوا يبتزون الفلاحين بتلك الضرائب الجشعة. وقد كان انحياز أولاد علي لمحمد علي الكبير الأثر العظيم في ترسيخ الحكم العلوي في مصر. وساعد هذا التعاون في المقابل أولاد علي على استغلال علاقة كهذه مع الحكام في إجلاء قبيلة الهنادي عن البحيرة إلى الشرقية ومن ثم إلى الشام، مما مكن لأولاد علي من ثلثي البحيرة. ومن بعد فيما سمي بثورة العرب – بعد وفاة محمد علي باشا (1770-1849م) – وفي عهد سعيد باشا سنة 1864م التي استثارت فيها الحكومة المصرية أولاد علي لمحاربة الجوازي ولكنها باءت الفشل. وعلى الرغم من محاولات المماليك لإخضاع قبيلة أولاد علي وحلفائها من العربان في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين فان تلك المحاولات الابتزازية أيضاً بآت بالفشل. فاستمال محمد علي باشا أولاد علي بالتودد إلى مشايخهم فجند فرسانهم وقوى بهم جيشه فساروا مع ابنيه طوسون في حملته على الحجاز وثم إبراهيم في غزو بلاد الشام والأناضول. وتحت الرايات والأعلام المصرية قاتلوا في بلاد المورة وكريت باليونان، كما قاتلوا وهزموا الأمير سعود الكبير ومن بعده ابنه عبد الله ورجالهم الذين أسسوا الدولة السعودية فيما بعد، وكانت تلك الهزيمة لهم ولأتباع الحركة الوهابية في الحجاز ونجد سنة 1811م (1226هـ)، ثم اتجهوا جنوباً نحو النوبة والسودان وما جاورها من الأقاليم الاستوائية. وأشارت بعض الوثائق التاريخية أن أحمد عرابي باشا عندما ثار على الإنجليز سنة 1882م (1300هـ) كتب مستنجداً وطالباً العون من القبائل العربية في مصر وبرقة. ويذهب المؤرخ اللبناني الدكتور نقولا زيادة ومؤرخ السنوسية الطيب الأشهب إلى القول إن عرابي قد راسل والد الأخير في جملة من راسل من رجالات السنوسية. وهذا مما أرق القنصل الإنجليزي في طرابلس، فاستفسر من حكومة الولاية عن صحة التقارير التي تتحدث عن جاهزية خمسة آلاف مقاتل من بدو برقة، وهم رهن إشارة السيد المهدي إذا ما طلب منهم الدخول إلى مصر. ويستنبط الدكتور الدجاني في رسالته عن السنوسية: إن المهدي لم يحاول نجدته لعدم اقتناعه بجدوى الثورة. وهذه لم تكن الحالة اليتيمة التي رفضت فيها الزعامة السنوسية ورجالاتها التدخل. فقد رفضت طلبات كل من الحكومة العثمانية لمساعدتها في حربها ضد روسيا القيصرية سنوات 8-1876م، وكذلك طلب المهدي، إمام السودان، في مقاومته للاستعمار الإنجليزي عام 1883م، نظراً لعدم قناعة الحركة بجدوى هذه الحروب ومن يديرها من في طرف الإسلامي.
ومن رجالات قبيلة أولاد علي المرموقين على الصعيد العسكري والسياسي المصري في الحقبة الأخيرة هم المشير عبد الحليم بوغزالة الذي شغل منصب وزير الدفاع ومن ثم أقيل وأعطي منصباً شرفياً وهو مساعد رئيس الجمهورية، واللواء فاروق المقرحي من قبيلة الجريدات من فرع أولاد خروف وهو عضو مجلس الشعب المصري، ومحمود أبو وافية من قبيلة العراوة من فرع السننة عضو مجلس الشعب المصري وعديل الرئيس المصري أنور السادات.
ولعله من نافلة القول إن أذكر الشيخ محمد عليش (1802-1882م) - شيخ المالكية في مصر وأستاذهم وخريج وشيخ الأزهر الشريف. والشيخ من أصول طرابلسية ترجع إلى منطقة غريان ولد وتوفي بمصر، واتهم بدعمه لثورة عرابي، فقبض عليه وهو عليل والقي به في مستشفى السجن فتوفي فيه. ترك أكثر من عشرة تصانيف منها "منح الجليل على مختصر خليل" و"فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك" وهي عبارة عن مجموع فتاويه. والشيخ عليش صاحب السجال مع السيد الإمام محمد بن علي السنوسي، حيث أن الشيخ العليش حمل بشدة على قول السيد الإمام بفتح باب الاجتهاد وعدم التقيد بالمذهب. وينقل الدكتور الدجاني تلك العداوة التي صدر بها الشيخ محمد عبده كتابه "الإسلام والنصرانية" عما جرى بين الشيخ والسيد فيقول: ألم يسمع السامعون أن الشيخ السنوسي كتب كتاباً في أصول الفقه زاد فيه بعض المسائل على أصول المالكية، وجاء في كتاب له ما يدل على دعواه أنه ممن يفهم الأحكام من الكتاب والسنة مباشرة، وقد يخالف رأي مجتهد ومجتهدين، فعلم بذلك أحد مشايخ لمالكية ]عليش [ وكان المقدم في علماء الجامع الأزهر، فحمل حربة وطلب الشيخ السنوسي ليطعنه بها لأنه خرق حرمة الدين … وإنما الذي خلص الشيخ السنوسي من الطعنة ونجى الشيخ المرحوم عن سوء المغبة وارتكاب الجريمة باسم الشريعة وهو مفارقة السنوسي للقاهرة قبل أن يلاقيه الأستاذ المالكي.
أما الشيخ عبد العزيز خليل جاويش (1876-1929م) من مواليد الإسكندرية، وهو الأديب المصلح المصري الكبير ابن الشيخ خليل جاويش - الليبي الأصل من مدينة مصراتة قبيلة يدر – استقر بهم المقام في مصر. تخرج في الأزهر ثم اختير أستاذاً للأدب العربي في جامعة كمبريدج. رجع إلى مصر وآزر مصطفى باشا كامل في تأسيس الحزب الوطني ومن ثم رأس تحرير "جريدة اللواء" لسان حال الحزب سنة 1908م، كما شارك في إنشاء جمعية الشبان المسلمين التي رأسها الغيور على الإسلام اللواء محمد صالح حرب. فكان الشيخ عبد العزيز خطيباً مفوهاً، نصب نفسه مدافعاً عن الإسلام وأهله، فألهب بخطبه الحماسية كل جنان، وكان من أنصار الجهاد في ليبيا والمهاجرين منهم في مصر. كما كان من أعوان وخواص السيد أحمد الشريف، ولم يبخل يوماً ما على السيد بالنصح والمشورة والنصرة. توفي الشيخ عبد العزيز في القاهرة عام 1929م.
| |
|
الاسير
عدد المساهمات : 39 تاريخ التسجيل : 27/09/2011 العمر : 49
| موضوع: رد: هجرة بعض القبائل الليبيه إلى مـصـر السبت أكتوبر 01, 2011 12:22 pm | |
| ماشاء الله موضوع كامل وشامل اعجبني جدا | |
|