منتديات ثوار ليبيا الاحرار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات ثوار ليبيا الاحرار
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بنغازى مدينة نمطية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الاصيل

الاصيل


عدد المساهمات : 22
تاريخ التسجيل : 16/09/2011
العمر : 44

بنغازى مدينة نمطية Empty
مُساهمةموضوع: بنغازى مدينة نمطية   بنغازى مدينة نمطية I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 18, 2011 5:17 am

بنغازى مدينة نمطية – بقلم : زياد العيساوى



يوليو 12, 2010 in عام | Tags: زياد العيساوى ، بنغازى ، تأملات مدينة | 4تعليقات

وجدتـُني من حيث لا أدري ، في حديقة الاستقلال ، فلا أعرفُ متى خرجت ، و لا كيف وصلت إليها ، جالساً لوحدي ، و بجانبي علبة ( بيبسي ) مطعوجة و مُطجـِعة على جانبها ، فتذكرت بأنني أول ما خرجت ، قد ألفيتها عند عتبة دارنا فارغة ، فركلتها ( طااااااااف ) – و أصابعي العشرة حتى البراجم في جيبيّ – و توالت الركلات ( طربااااااااف ) جاعلاً في كل مرة ( ركلة ) نقطة توقفها نصب عينيّ ، و هكذا رافقتني من البركة حتى البلاد ، و عند الرصيف المُقابـِل لجامع الحسابات ، قابلتني لافتة ( السفير ) – التي يلتهم قائمها ثلاثة أرباع الرصيف – مكتوبٌ عليها : ( دعوة لحضور الحفل الساهر ، الذي سيقام في مصيف القرية السياحية بقاريونس ، و سيحييه الفنان صلاح رخيص و الفنانة سُمية ) فقذفت العلبة إلى أعلى ( بونتة مع الصبع ) لتـُصيبَ صورة رخيص .. طرشاااااق .

في خلفي ، تهجع تلك العمارة الضخمة المُتعدِّدة المكاتب ، التي لم يستفِد منها المواطن الليبي في شيء ، إذ أنها تستلم منه ملفاً إدراياً ، سعره ربع دينار ، و تسلمه إيصال استلام بالخصوص – لا قيمة له – الذي جاء لأجله ، فيضعه في جيبه ، و يعود به فرحاً ، فتمضي الأيام حُسوماً ، و هوّ يُراجع هذه المكاتب في طوابقها ( راقي نازل ) كما مؤشر الترمومتر الحراري ، و لا يسمع من موظفيها سوى كلمة ( ما زال ) و تتلاحق السنون تِباعاً ، حتى ينسى الأمر ، فتضيع مصلحته في مصلحة الأملاك العامة ، ( الغامة ) على الملفات ، فلا يستلم منها مسكناً و لا قطعة أرض و لا بديلاً و لا تعويضاً ، و تتبخر أحلامه ، عند أعلى نقطة ، يمكن أنْ يطولها مؤشر الترمومتر الزئبقي .

أمامي ينهض مبنى فندق ‘ عمر الخيام ‘ المهجور ، الذي يمثل بنظري ، واجهة مدينة بنغازي من جهة الغرب ، حينما يبدو للواصل ، هو و عمارة ( كانون ) المُطلان معاً على ( الكابترانية ) أكثر جمالاً من مبنى جمعية الدعوة الإسلامية ، و مبنى فندق تيبستي ، و يزداد بهاؤهما ، لما يقترب منهما أكثر فأكثر ، و حالما ينزل من جسر طريق طرابلس في سبيله إلى وسط المدينة .

على يميني ثمة مركز شرطة المدينة في حالة طوارئ و استنفار قصويين ، لوجود أهالي ضحايا ( قهرة بوسليم ) أمامه ، و هم يحملون لافتات و شعارات نارية ، أدركت لحظتئذٍ لِمَ الحديقة فارغة ، و أنا باق وحيداً ، فيبدو أنّ روّادها ، الذين كنت أراهم دائماً في مثل هذا التوقيت ، من كل يوم ( دلال العفسة و الحل ) .. تـُحاذي هذا المركز ، دار عرض بنغازي ، التي تتعانق و تتعالق عليها ( السّقالات ) مع وقف تنفيذ أعمال الصيانة .

يا لهذا العبث ، الذي أودى بمدينتي إلى هذه النمطية ، فالفندق مهجور و العمارة هاجعة و السينما خربة و الحديقة فارغة ، و لا سلات للمهملات فيها ، فاستودعت فيها علبة الـ ( بيبسي ) عند أحد مقاعدها الخشبية ، ريثما يعود ‘ ملك الحديقة * ‘ و أقرانه الصِّغار إليها – بعد أنْ ينتشر المتظاهرون من أهالي ضحايا ( بوسليم ) فهو و أصدقاؤه ، يشاركون بالهتاف معهم من دون أنْ يدروا ماهية القضية – ليتقاذفوها بأقدامهم الغضّة ، و انسرفت .

قصدت سوق الجريد ، سالكاً شارع شيخ الشهداء ، و عند كشك ‘ الطشاني ‘ توقفت لبُرهةٍ مُلقياً بنظرةٍ شاملة على ما يعرضه من صُحفٍ و مجلاتٍ ، بطريقةٍ مُلفِتةٍ للنظر ، فالصُّحف و المجلات الليبية ( الفجر الجديد ، الشمس ، الجماهيرية ، قورينا ، أويا ، مجلة غزالة ، مجلة الثقافة العربية ، مجلة الفصول الأربعة ، مجلة البيت ) مُعلقة جميعها على مشاجب في الخارج ( الهامش ) أما نظيراتها العربيات ( الأهرام ، المصري اليوم ، مجلة وجهات نظر ، العربي ، زهرة الخليج ، اليقظة ، الجيل ، طبّب نفسك ) ففي الداخل ( المتن ) لحمايتها من الريح و الشمس ، لم ترُقني أية واحدة منها .. دخلت إلى مبنى البريد المركزي ، لأفتحَ ( ص . ب ) خاصتي ( 1544 ) و لأجدَ فيه نسختين من مجلة ( القافلة ) الصادرة عن شركة ( أرامكو ) السعودية ، و مجلة ( فكر و فنّ ) في نسختها العربية ، الصادرة عن معهد ( غوتة ) الألماني ، حاضرتين في الموعد تماماً ، و مجاناً .

مضيت قـُدما نحو وجهتي ، بعد أنْ عبرت الشارع إلى الجهة الأخرى ، خشية أنْ تسقط عمارة ( السرقسيوني ) المتهالكة فوق رأسي ، فقد أصبحت كما القنبلة الموقوتة ، التي في أية لحظة ، قد تهوي من علٍّ ، و بعد أنْ تجاوزتها بخط مواز لها ، عدت و عبرت الطريق من جديد ، مُقبـِلاً على ميدان البلدية الجميل ، الذي لم يعرف ( الأعدقاء ) في أمانة المرافق و جهاز المدينة القديمة ، كيف يستثمرون هذا الميدان التاريخي الجميل ، فهو بتصوري ، لا يصلح لأنْ يكون ميداناً تجارياً ، لتـُباع فيه الملابس النمطية ، فالكل هناك ، يبيعون الملابس التركية و الصينية و التايلندية ، فلا تميُّز و لا تفرُّد في العرض ، فهذا الميدان بمحاله ، يجب أنْ يتحول إلى مقاهٍ أنيقة الجلسات .

وصلت بعد لحظات إلى الجامع العتيق ، و استدرت إلى يمينه ، لأقفزَ على عتبات سوق النور ( الثلاثية ) في وثبة واحدة ، ليتصدر ليّ بائع الدولارات : ( اتصرف يا أستاددد ؟ ) .

- أنا : شكراً .. صحّيت .

- هو : ما عمرها جت منك تضحك .

- أنا بنوبة غيطاوية : أحسن عملة عمر المختار .

من نقطة تصدره ليّ ، و حتى مدخل سوق الجريد ، كان هذا حواري مع أصحاب حرفته ، الذين غالباً ما يتواجدون هناك ، هم و بائعو النظّارات السودانيون ، يتخللهم شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة ( الذهنية و المادية ) يضع أمامه ميزاناً غير رقمي ( انالوق ) و على رأس لسانه ، لفظة : ( توزن بربع ؟ ) أحياناً أتجاوزه ، لكني أرجع إليه ، لما أسمعه يتمتم ، فأزن نفسي عنده ، خشية أنْ تصيبني دعوته ، و بمجرد أنْ أقف على قاعدة ميزانه القديم ، يجبر بخاطري ، فيرفع الكسر ، لكونه لا يجيد إلا قراءة الأرقام الصحيحة .. دخلت إلى سوق الجريد الظليل ، و أول من قابلني بائع مصري ، يبيع فوط ( مناشف ) الحمام ، الخمسة بدينار ، يعرضها و يضعها على كتفه ، و يمسح بإحداها رقبته و جبينه المُتصفـِّد عرقاً ، على اليمين ، هناك عجوز تفترش الأرض ، بقطعة قماش ( متر × متر ) تطرح عليها ( بخور و فاصوخ و وشق و شبّة – لوبان ايطرشق - اسواك نسائي و رجالي – لاميتات و أمواس حلاقة – بطاريات أصبع و ريمونت – فيكس فابوراب و فيكس نيجيري بالشيح – مسك و عنبر – معجون أسنان – مُزيل بطشة لإزالة الصّنان – بوية سودة و حمرة – سباسي رياضي و مالبورو – ولعات الاثنين بربع – بريزات و مفاتيح ضي – لامبات بربع دينار – و ما عاقبة حاجة إلا و اتبيع فيها ) بجانبها أكثر من عجوز ، تبيع الحاجات نفسها ، في وسط ممر السوق ، ثمة مسرب ، تمرُّ في حوضه ماء المجاري ، و يقف بائع صغير مع أخيه ، يعرضون بضاعتهم على عربة خشبية تقوم على دواليب صغيرة ، و شيخ مصري بصير ، يتلو آي الذكر الحكيم على أرواح الفقراء و المحرومين الليبيين ، الذين يجوبون السوق ، و لا يحتكمون على دينار واحد – في وسط الجلبة و صياح الباعة – يجلس أمام أحد محال بيع المجوهرات ، و شاب ليبي ملتزم بقربه ، يقعد على ( ابلوكه جيرية ) يبيع أجود العطور الحجازية ، لم ألمح أحداً يشتري ، الكل مثلي ، يمشون من دون وجهة معينة ، عند واجهة أحد معارض الذهب ، مرّرت بجوار شاب و فتاة ، يبدو أنها خطيبته ، سمعتها تسرُّ إليه : ( هضا أكثر واحد يمشي في بنغازي ) – تقصدُني – و لأني كثير المشي ، كما قالت ( مشّيتها لها ) .. حدثت بلبلة في السوق : ( جاكم الحرس يا هووووووو ) و في لمح البصر ، كان كل الباعة خارج السوق ، عابرين الزورايب الفرعية المؤدية إلى شارع البعجة و الصلابي و الشويخات ، سمعت إحدى العجائز ، تدعو عليهم : ( عطهم برص .. ما خلونا نسترزقو على حالنا ) و هي تقوم بثني قطعة القماش ، التي تعرض عليها أشيائها ، بطريقة فنية ، إذ يبدو أنها أعدّتها لمثل هذه الطوارئ ، فقامت بثنيها مرتين ، و أقفلتها بالـ ( سوستة ) فأصبحت مثل الحقيبة ، التي تحفظ كل شيء فيها و مضت مُسرعة .. رجعت إلى الخلف ، ليس بسبب تواجد عناصر الحرس البلدي ، بل لأني أعرف النمطية ، التي يعاني منها هذا السوق هو الآخر ، من ناحية البضائع المعروضة فيه ، فهي أيضاً من المصدر نفسه ، فلا تميُّز و لا تفرُّد فيه و لا فيها .

عندما تقهقرت ، جاءتني مُهاتفة من الصديق الفنان ‘ هيثم ‘ و أنا أعرفه جيداً ، فمتى اتصل بيّ ، فهذا يعني ، أنه يعاني من الشعور بالنمطية القهرية ، اتفقنا أنْ نلتقي عند مكتبة أبيه سابقاً ، الموجودة في شارع المجاهد ‘ أحمد الشريف ‘ لمحته واضعاً يديه في وسطه ، و معه قيثارته ، و هو ينفخ آهات مزمار القلق ، و يزفر ناي الملل .. عند الزقاق الواصل بين شارع اقزير و الساحة الخلفية لسوق الحوت ، توقفنا هناك لدقائق معدودة ، لنشاهد الجدارية ، التي قام أحد المواهب بنقش رسومات لأعلام من بنغازي – عمر المختار و الفضيل بوعمر و أحمد المهدوي و خليفة الفاخري و علي الشعالية و محمد صدقي و شادي الجبل و غيرهم – بالألوان الزيتية عليها ، و التقط ليّ ‘ هيثم ‘ هذه الصورة – جاعلاً هذه الجدارية خلفية لها ، فإذا لم نصور معهم في حياتهم ، فلا بأس أنْ نصور معهم في مماتهم – بعدسة نقاله الصيني ( المعمشة زي اعوينات صانعيها ) :

بدا ليّ ‘ هيثم ‘ في حالة وجدانية عالية ، و مستعداً لإخراج ( البغدد ) على أوتار قيثارته ، لكنه عدِم المكان المناسب ، فلا مسرح مُعدّ لذلك ، و لا منتدى للفنانين الشباب في المدينة ، مرّرنا بعد حين بشارع العقيب ، و عند البيت الثقافي ، أخبرته بأنّ هذا الصرح الجميل ، يجب أنْ يفتح أبوابه لك ، و لمن مثلك من الموهوبين ، و ألا يُخصّص فقط للشعراء و القصّاصين ، فأيننا نحن من الأمسيات الفنية ؟ لكن هذا لن يحدث ، و لا ترتجيه قريباً يا عزيزي ، طالما أنّ اللافتة التي على بوابته مكسورة ، فـ ( المكتوب بائنٌ من عنوانه ) .. هيا يا صاحبي ( ما لنا امفيت حديقة 23 يوليو ) .. جلس ‘ هيثم ‘ هناك و احتضن قيثارته الجديدة ، و بدأ يدندن عليها بهمس ، و هو يتتبع أصابعي ، التي أشير بها إلى العمارات المُطـِلة على شارع جمال عبد الناصر بعد الصيانة الجديدة ، انظر يا هيثم إلى ألوان طلائها الباهتة و الكئيبة ، فأغلب هذه العمارات ، أختير له الألوان الترابية ، حتى أنّ بعضها ، لا تفرق بين لونه و لون ( لياسة ) الأسمنت ، بل أنّ ألوانها تتشابه ، فلا تستطيع أنْ تصف لأحد ما ، أية عمارة منها بلونها ، فيا لهذه النمطية و التشابه في كل شيء الذي يغلب على مدينتنا ، حينذاك ، صرّح لي ‘ هيثم ‘ بهمس ، مثل همس قيثارته : ( يا ازويدة هضا مش مقياس .. راهو في ناس مخلصين يخدمو في بنغازي و يشتغلو تحت الأرض ) و قبل أنْ أسأله عن هؤلاء السُّفليين ، أجابنا أنبوب المجاري ، الذي كان بقربنا و أسفلنا : ( وججججججج ) في بحيرة 23 يوليو ، قاذفاً ( علبة بيبسي ** ) كأول شيء ، ثم مياه سوداء ، فانقطع أحد أوتار قيثارة ‘ هيثم ‘ و عدنا أدراجنا ، و نحن نكاد ننفجر من الضحك على هذه الإجابة الفورية ، مُردِّداً له عبارته : ( قالك في ناس تحت الأرض يخدمو فيها ! .. ما تموا إلا شواطين .. ههههههه ) .

المصدر : المنارة للاعلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بنغازى مدينة نمطية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مدينة إجدابيا
» مدينة شربة الأثرية
» مدينة الطاقة ليبيا
» حمل مخطط مدينة مصراتة 2000م
» مدينة طرابلس ليبيا هل كانت جزيرة في مرحله سابقة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ثوار ليبيا الاحرار :: منتديات الادبية :: قسم القصص والرويات-
انتقل الى: