الوزير الوزير
عدد المساهمات : 153 تاريخ التسجيل : 18/08/2011 العمر : 47 الموقع : https://rebe.yoo7.com
| موضوع: (أحداث ليبيا ـ رسالة إلى الحاكم الجائر) الخميس يناير 19, 2012 2:51 am | |
| خُطبة الجمعة( ) للشيخ محمد بن موسى آل نصر في (أحداث ليبيا ـ رسالة إلى الحاكم الجائر) الجمعة ـ22ربيع الأول سنة1423 هـ فرغّها أبو عبد الرحمن خالد الفالوجي
إن الحمد لله نحمده, ونستعينه و نستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71]. أما بعد......... فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار . أيها المؤمنون إن هذه الشريعة المباركة جاءت بالعدل والإحسان وجاءت بكل خيروحذرت من كل شر، إن هذه الشريعة جاءت بالرحمة الشاملة للإنسان وللحيوان حتى الحجر والشجر، مصداقاً لقول الله سبحانه وتعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:156]، وجاء هذا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- بالرحمة ، فكان هو الرحمة المهداة، قال الله تعالى فيه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]، فنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ، بما أوحى الله إليه من وحي الكتاب، وبما أوحى الله إليه من وحي السنة، أما وحي الكتاب ففي نحو قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29]، فحرم الله قتل النفس وقتل الغير، وبين جل جلاله أن قتل المسلم من أعظم الكبائر والذنوب،{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}[النساء:92]، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]. والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في حديث صحيح: {لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجلٍ مسلم}( )، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة، التي تدل دلالة صريحة واضحة على أن قتل المسلم بغير حق من أعظم الجرائم ومن أعظم الذنوب، فإن "أول مايقضى به يوم القيامة بين العباد في الدماء، وإن المقتول يقوم يوم القيامة على هيئته يوم قتل دمه يثغب –أي: ينزف بغزارة- آخذاً تلابيب قاتله يعني بخوانيقه ، يقول: ياربِ سل هذا فيما قتلني؟، ياربِ سل هذا فيما قتلني؟" ولهذا المؤمنون لا يقدمون على هذه الجرائم قال الله تعالى: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان:68]. وساحتنا العربية والإسلامية وللأسف تشهد قتلاً فظيعاً، قبيحاً، شنيعاً، تقشعر له الأبدان، وتشيب له الولدان لأتفه الأسباب، وقد رأينا المجازر وشاهدناها وسمعنا بها في بلدان شتى ورأينا السيارات لبعض الأنظمة كيف كانت تدوس الناس، وكأنهم بهائم! وكيف كان المصلون يرشون بمياة غزيرة من غيرحرمة للمصلي، وكيف هذا القتل الذي يجري الآن على الساحة الليبية وفي اليمن والبحرين ومن قبل هنا وهناك، فنسأل الله تعالى العافية ونسأل الله تعالى السلامة، ونسأل الله الأمن والإيمان لأوطان المسلمين ونسأل الله ان يهدي هؤلاء الجلاوزة الظلمة الذين يدوسون الناس ويقتلونهم لأتفه الأسباب والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن شر الرعاء الحطمة"( )، شر الرعيان الذين يحطمون الأغنام، وشر الولاة الذين يسوسون الناس هم الذين يحطمون الناس، ويسفكون دمائهم ويذلونهم ويقهرونهم وما هذه الأحداث وما نتج عنها من سقوط بعض الأنظمة الظالمة ما هو إلا ثمرة مرة من ثمار الظلم الطويل الذي عانت منه كثير من الشعوب ظلم شديد حتى أطّت منه السماوات والأرض، والظلم يا عباد الله ظلمات وعاقبته وخيمة وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، والظلم يُعجّل الله العقوبة لصاحبه في الدنيا قبل الاخرة، ولذا يقول النبي عليه -الصلاة والسلام- موجهاً خطابه لكل من ولي أمراً للمسلمين أن يتقي الله في المسلمين وأن يتقي الله في الرعية: {اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فإرفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه}( ) فشيء طبيعي أن نرى هذا الإنفجار وهذا الهيجان بعد كل السنوات العجاف من الذل والهوان والتجويع والإذلال والمصادرة، هذا شيئ طبيعي لأن الضغط كما يقال: -يولد الانفجار- ولهذا قال -صلي الله عليه وسلم-: "خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، -أي: تدعون لهم بالتوفيق والعافية- وشر أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم"( ). وقد قيل في الأثر: "وكيفما تكونوا يولى عليكم"، فأصلح يا مسلم يا عبد الله ما بينك وبين الله، أصلح أيها الراعي مابينك وبين الله يصلح الله مابينك وبين رعيتك، نعم يا عباد الله لأن الجزاء من جنس العمل، ولو أن الحكام الظلمة أصلحوا مابينهم وبين الله بالإنصياع لأوامر الله وتحكيم شرع الله والعمل لخير شعوبهم وأوطانهم لما انقلبت عليهم شعوبهم، ولما كانت هذه الثورات والمظاهرات والمصائب العظام، مع أن منهج الإسلام أيها المسلمون، واضح في حكم المظاهرات حتى ولو زعموا أنها سلمية، فهي وسيلة غير شرعية في الإعتراض والتغيير والنصح لولي الأمر وللسلطان والدعاء له بالعافية والترفق معه والصبر على بلاءه وأذاه أمرنا به شرعا...................... أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم . الحمدلله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين إخواني ... في أحداث تونس فجّر الأحداث أن رجلاً مقهوراً مظلوماً أُعتدي على كرامته وأهين فلم يطق فأشعل في نفسه النار، لاشك ولا ريب، وبإجماع العلماء أن هذا الفعل غير مشروع، أن يقدم الانسان على حرق نفسه أو قتل نفسه فهذا من كبائر الدنوب فإن كان مستحلاً فعل ذلك -أي: قتل نفسه- فهو كافر مرتد بإجماع المسلمين وإجماع علماء الأمة، لا يصلي عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، أما إن كان مدهوشاً قد فقد عقله وتصرف من غير عقل كالمجانين فهذا نرجوا له الرحمة ونرجوا أن يعفو الله عنه. إبتداءً قتل النفس لأي مبرر لايجوز لأن الله -عز وجل- حرم قتل النفس ابتداءً وحرم قتل الغير بعد ذلك، ولهذا يقول عليه -الصلاة والسلام-: "من تردّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلد، ومن تحسّى سماً -أي تجرع سماً، وقتل نفسه بالسم- فهو في نار جهنم يتجرعه خالداً مخلداً فيها، ومن قتل نفسه بحديدة يعني سكيناً او آلة حادةً ، فهو في نار جهنم يتوجؤ بها في بطنه خالداً مخلداً فيها"( ). فهل هذا العمل يصبح سنة ؟! ويصبح مشروعاً حتى يتكرر في أكثر من بلد، حتى أنني ربما أحصيت أكثر من عشرة حوادث على مثل تلك الطريقة البشعة، من تونس أولاً ثم في الجزائر ثم في مصر ثم هنا وهناك فهذا العمل غير مشروع البتّة، حتى لو أدى إلى ما يحبه الناس وما يفرح به الناس، من سقوط طاغية فإن هذا العمل يبقى عملاً محرما، -فإن الغاية لاتبرر الوسيلة- ، فالمسلم المؤمن يفوّض أمره إلى الله ويفزع إلى الله في الشدائد، ويتوكل على الله ولا يعاجل نفسه بالموت، فقد رأى الصحابة -رضي الله عنهم- رجلاً يقاتل بشجاعة ويقطف رؤوس الأعداء في إحدى الغزوات فأثنوا عليه وشهدوا له بالخير لكن الصادق المصدوق الذي لاينطق عن الهوى، قال لهم: "هو في النار فتعجب الصحابة رضي الله عنهم -فتبعه أحد الصحابة ينظر إلى ما يؤول إليه أمره- فأصيب بجراح في فخذه فلم يحتمل الألم ، فما كان منه إلا أن اتكأ على رمحه –يعنى: نحر نفسه برمحه- فأدرك الصحابة أنه -صلى الله عليه وسلم- لاينطق عن الهوى، انظروا إخواني، كان يقطف رؤوس الكفار ويبلي في المعركة بلاءً حسناً ولكن العبرة بالخواتيم يا عباد الله العبرة بالخواتيم، فكما لايجوز قتل النفس كذلك لايجوز قتل الغير، وقتل النفس وقتل الغير من الجرائم الكبار حتى أن ابن عباس -رضي الله عنه- كان يقول: "بأن القاتل لا توبة له". فتلك العروش التى قامت على الجماجم وقامت على القتل والتدمير والتخويف والترويع ما هو مآلها؟ وما هو مصيرها عند الله؟ وما هو حسابها العسير؟؟ ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "ليتمنين أقوام ولوّا هذا الأمر أنهم خرّوا من الثريا، وأنهم لم يلوّا شيئاً"( )، إنها أمانة، ومن لم يأخذها بحقها أو لم يقم بها بالعدل والإحسان تكون خزياً وندامةً يوم القيامة وذلاً وهوناً في الدنيا، قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[الصافات:24]. نعم يا عباد الله نحن نعلم ولسنا مع الروع والخوف، نحن مع الأمن لا مع الفوضى و الفتنة، مع النصيحة ولسنا مع التشهير و الفضيحة، نحن مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نحن مع الخير لا مع الشر، مع الحق لا مع الباطل، مع الحوار الهادئ، مع التغيير بالطرق السليمة الشرعية لا مع الفوضى وزعزعة الأمن وإعطاء أعداء الإسلام مبررات لإحتلال بلاد المسلمين والنزول بها بحجة الحفاظ على مصالحهم. فلهذا هناك قاعدة في الإسلام عظيمة وهي: (أن درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح)، ولهذا سلفنا الصالح فهموا هذه القاعدة فهما جيداً أكثر منا، فهذا الإمام أحمد ابن حنبل -إمام اهل السنة والجماعة- لما بلغ من أمر الواثق الخليفة العباسي ما بلغ من أمره من حمل الناس على عقيدة الإعتزال -وهي عقيدة كفرية، يمتحن الناس عليها يقتلهم، وهي عقيدة القول بخلق القرآن، والقرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ واليه يعود-، جاء العلماء والفقهاء إلى الإمام أحمد وهو في السجن، قالوا: يا إمام يا ابا عبد الله إن هذا الوالي فسد أمره ولا نرضى به ونريد أن نخرج عليه؟ فنصحهم وقال لهم: لا تسفكوا دمائكم ودماء غيركم إني أنصحكم أن لا تفعلوا ذلك، فقالوا له: نريد أن نخرج، فقال لهم: ((لا)) لا الدماء الدماء!. فأقول للمسلمين الهائجين المنقلبين على حكامهم الجائرين الظلمة: اتقوا الله في دماء المسلمين، وأوطان المسلمين واجتماع كلمة المسلمين، خذوا العبرة من هذا الموقف الشرعي الصحيح للإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة، احذروا أن تكونوا وقوداً للفتنة وبلاءاً على الإسلام وأهله وسبباً في احتلال بلاد الإسلام من جديد. قال العلماء الخروج على السلطان الجائر لا بد له من شرطين: الشرط الأول: أن يظهر كفراً بواحاً، لايختلف عليه اثنان ببرهان واضح يحكم فيه الأئمة الكبار. والشرط الثاني: أن يكون الخارجون عليه عندهم قدرة متيقنة على تغييره وإبداله بخير منه يحكم بشرع الله. حتى أن أهل السنة والجماعة يقولون أن الحاكم المتغلب يسمع له ويطاع إذا أمر بالمعروف، كل ذلك يا عباد الله من أجل حقن الدماء وحفظ أرواح الناس، وانتظام مصالحهم الدينية والدنيوية وبعض الناس بسبب العواطف الجيّاشة والحماسات العاصفة ، إذا سمع مثل هذه القواعد وهذه الأحكام قال: هذا عميل أمريكيّ، هذا كذا وكذا! ، يعطي أوصافاً وتهماً فظيعةً وألقاباً شنيعةً وهذا من التنابز بالسوء. وفي الفتن والمحن إنما يتكلم العلماء لا الغوغائية والعامة فلا بد من حقن الدماء ولا بد من تسكين الدهماء ولا بد من القول للظالم يا ظالم، ولكن على أهل العلم واجب عظيم أن ينصحوا لكل ذي سلطان، وأن يقيموا عليه الحجة بالحجة وبالبيان، وفي الحديث الصحيح: "سيد الشهداء حمزة ثم رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"( )، وهذا مشروع بين العالم الناصح والحاكم المنصوح والمظاهرات والاحتجاجات والخروج والفتن، ليس من هذا الباب في قليل أو كثير، وهذا الأمر التبس على كثير من الحزبين الثوريين الحماسيين الذين لا يعيشون إلا على الفتن والثورات الهائجة.
اللهم إغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير وخذ بيده يارب العالمين، ومن أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاشغله في نفسه واجعل تدبيره تدميره يارب العالمين، اللهم ولّي علينا خيارنا ولا تولي علينا شرارنا، اللهم إجعل ولايتك فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العلمين ، اللهم أصلح هذا الحال إلى أحسن حال، اللهم آمنّا في أوطاننا واهدي أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم إجعل هذا البلد امناً سخاءً رخاءً وسائر أوطان المسلمين يارب العالمين، اللهم جنّب هذا البلد وسائر أوطان المسلمين المحن، والفتن، والوباء، والغلاء وتسلط الأعداء يارب العالمين، اللهم وفّق عبدك ملك البلاد لما فيه صلاح البلاد والعباد، اللهم أعنهُ على طاعتك وهيّء له بطانة صالحة يارب العالمين .... عباد الله أقول قولي هذا والحمد لله رب العالمين.
| |
|