الاحرار
عدد المساهمات : 13 تاريخ التسجيل : 02/10/2011
| موضوع: جهاد الخازن :عن العقيد القذافي الإثنين أكتوبر 24, 2011 1:21 am | |
|
جهاد الخازن :عن العقيد القذافي
رأيته عندما زار بيروت سنة 1970، وكنت رئيس نوبة في وكالة رويتر (التي اصبح اسمها الآن رويترز)، ومكاتبها في بناية اونيون، في منطقة الصنائع، وهو ألقى خطاباً في كلية الحقوق المجاورة لها، فقررت سماعه.
لم افهم كثيراً مما قال، وانتهت الجلسة بأسئلة وأجوبة، وسأله احد الزملاء بوقاحة: الأخ العقيد لماذا تزوجت مرة ثانية؟ (كانت زوجته ترافقه)، ورد الأخ العقيد: انت تعرف ان الزواج نصف الدين فأحببت ان أكمل ديني. وضحكنا جميعاً، فقد اعتقدنا انه يهذر، الا انه لم يضحك، فقد كان يتكلم جاداً، ويعتقد ان زوجة نصف دين، وزوجتين دين كامل. وحدثت العقيد القذافي عبر برنامج تلفزيوني طلب مني ان اوجه اليه فيه سؤالاً. ولم افهم ما قال لأسأله عنه، او انني اغتظت مما قال، وسألته عن اسم الجماهيرية الليبية العربية الاشتراكية العظمى، فهو اسم يذكرني بالامبراطورية الرومانية المقدسة التي قيل فيها انها لم تكن امبراطورية او رومانية او مقدسة. ولم اناقش العقيد في كل كلمة من اسم بلده الذي كان كلمة واحدة، موسيقية جميلة، فجعله محاضرة، وانما اكتفيت بالقول ان صيغة "الجماهيرية" خطأ في اللغة، فقد تعلمنا ان الكلمة ترد الى المفرد لبناء النسبة منها، وكلمة جمهور، ومنها جمهورية اسم جمع اصلاً، ولا سبب ان ننسب على جماهير، وهي صيغة منتهى الجموع، او جمع الجمع. ولم أرَ العقيد خلال المقابلة، فقد سألته عبر الهاتف، وفهمت بعد ذلك ان العقيد غضب والتفت حوله، وطلب القواميس والمراجع ليرد عليّ. وانتقدتني في الايام التالية صحف ليبيا ومجلاتها، وكان بعض التعليقات ظريفاً، مثل الاستشهاد بأسماء الثعالبي والكواكبي والجواهري، كأنه يفترض في كل من هؤلاء الاعلام ان يصرّف اسم اسرته ويعربه ارضاء للقاعدة، وهي قاعدة اسجل ان لها استثناءات كثيرة، ونحن نقول ملوكي من ملوك، وهي صحيحة يختلف معناها عن ملكي من ملك. كما يرى القارئ معرفتي بالعقيد ونظامه عمرها ثلاثة عقود ونيف، وقد كتبت منتقداً احياناً، الا انني في مقابل كل انتقاد دافعت عن ليبيا عشر مرات او اكثر، خصوصاً بعد الغارة الاميركية، وبعد اتهامها بالارهاب، وفرض عقوبات عليها وحصار. وكل ما كتبت عن ليبيا مسجل ومتوافر بسهولة لمن يطلبه. هذه السنة اغضب العقيد القذافي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في مؤتمر القمة، فقاطعه ولي العهد السعودي وأفحمه وأسكته. ولم اعلق بشيء خشية ان يقال انني انتصرت للأمير عبدالله لأنه طلب مني ان افعل كذا وكيت. ثم قال العقيد كلاماً غريباً مستهجناً عن الوهابية وعلاقتها بالارهاب، ومرة اخرى لم اعلق بشيء خشية أن يقال انه يتوقع مني التعليق. والاسبوع الماضي حاول ليبيان الاعتداء على الأمير سعود الفيصل، وسكت مرة اخرى. اليوم اجد الكلام واجباً، لا لأنني انتصر للأمير عبدالله او الأمير سعود، فهما بغنى عن نصري، ولا لأدافع عن حركة اصلاحية ضمن المذهب الحنبلي، فهي لا تحتاج الى دفاعي، ولكن اكتب انتصاراً للشعب الليبي الذي بدد العقيد ماله ومال الأمة في السلم والحرب، وأنفق عشرات بلايين الدولارات على التسلح ثم خسر حرباً مع شرطة تشاد المسلحين ببنادق من الحرب العالمية الثانية (الرجل الابيض خسر حربين في افريقيا، الايطاليون في الحبشة، والليبيون في تشاد). الآن يدفع العقيد القذافي 7،2 بليون دولار هنا، وبليوني دولار هناك، لأسر ضحايا الارهاب الذي انكره يوماً، وأنكرناه معه، وعشنا لنراه يعترف بأنه ارهابي. وهو يدفع صاغراً ويعترف، ثم يصر على انكار اختقاء الإمام موسى الصدر في بلاده، وكنت اعرف الإمام، وأعتبره صديقاً لـ"الحياة" و"الديلي ستار" وسنداً في القضايا الصحافية. ولا انسى الأخ منصور الكيخيا الذي خطف من مصر، وتركت زوجته المناضلة بهاء العمري تتدبر امر اسرتها وحدها. العقيد القذافي يريد من المتفرجين ان ينزلوا الى الملعب ليشاركوا اللاعبين الجري وراء الكرة، وهو قتل من الفلسطينيين واضطهدهم، ثم طردهم من بلاده، وأجاع اسرهم، ليقربهم من حدود بلادهم كما زعم في حينه، كما غزا مصر ليفرض الوحدة عليها، اي الزواج بالإكراه. وأعرف انه ارسل الى السلطان قابوس سنة 1975 رسالة يعرض عليه فيها الوحدة بين ليبيا وعمان، اي بين بلدين يبعد احدهما عن الآخر ألفي ميل من البحر والبر. وباستثناء سيف الإسلام القذافي الذي يحترم نفسه والناس، فإن اكثر ابناء العقيد مثله، وهناك الذي يفكر بقدميه، ويريد ان يحترف لعب الكرة في ايطاليا، وواحد وقف هذا الصيف يصرخ في سردينيا ويقول: يعيش صدام حسين. وحاول العرب الحاضرون، وكلهم شهود عدول، اسكاته، الا انه بقى يهتف لصدام حسين، او يقول: عدي وقصي ماتا شهيدين. وحاوره صديق سعودي لم اعرف عنه سعة الصدر بالحسنى، وهو كالثور الهائج في مكان كله اجانب. اقول ان العقيد القذافي لا يعرف من امور دينه او دنياه شيئاً، وأتهمه بتبديد ثروة وطنية هائلة، وأسجل عليه اعترافه بالإرهاب (وأسجل خجلاً على نفسي دفاعي عنه إزاء هذه التهمة)، وأخلص الى المطالبة بعزله، فهو لم يحق له ان يحكم عندما اغتصب الحكم، ولا يحق له ان يحكم الآن، فقد مضت على ليبيا معه 34 سنة عجافاً سجله فيها نقض لأصول الحكم. والموضوع ليس شخصياً البتة، ولو كان سيف الإسلام القذافي في الحكم لما عارضت او اعترضت.
...
| |
|