وصال
عدد المساهمات : 2 تاريخ التسجيل : 04/10/2011
| موضوع: وضّاح خنفــر : رئيس مكتب الجزيرة و تغطية احدآث ليبيا السبت أكتوبر 22, 2011 3:47 am | |
| وضّاح خنفــر : رئيس مكتب الجزيرة و تغطية احدآث ليبيا
قضيت الأسبوع الأخير من عملي مديرا عاما للجزيرة في طرابلس ومصراته، وبينما كنت أتجول في أسواق المدينة القديمة من العاصمة الليبية دهشت لحجم الالتفاف والتقدير الذي قابلنا به الليبيون، كان وجود فريق الجزيرة في أي ساحة أو ميدان عام كفيل بإحداث أزمة مرورية، فالحب الدافيء والاقبال العفوي من الناس الملتفين من حولنا والراغبين في التقاط الصور التذكارية كان بحق رسالة بالغة الأثر في نفسي ونفوس زملائي، وفي مصراتة وأثناء تجوالي في شوارعها المدمرة، وقفت أمام معرض بسيط نظمه الأهالي للأسلحة والقذائف التي استخدمها النظام ضد مدينتهم المحاصرة، ورُفِعت لافتة أمام المعرض تحمل اسم شهيد الجزيرة المصور علي الجابر الذي اغتالته خلية أمنية تابعة لنظام القذافي في مدينة بنغازي، عندها عادت بي الذكريات إلى ذلك اليوم ، فقد وصلتني مكالمة من غرفة الأخبار تنقل لي النبأ الحزين، عدت الى القناة وظهرت على شاشتها ناعيا الشهيد، مؤكدا لمشاهدينا أن الجزيرة لن تتراجع، وأن تغطيتها مستمرة مهما كلف الثمن...
وكم كانت تلك الليلية حزينة في غرفة أخبارنا، وكم كانت كذلك حافلة بالاعتزاز والافتخار، لا سيما بعدما تجمهر عشرات الآلاف من أبناء ليبيا عفويا في مراكز المدن المختلفة ليؤدوا الصلاة على روح الشهيد، واستمر تجمعهم وهتافهم حتى الساعات الأولى من الفجر، يومها اتصلت بكل طواقمنا في الميدان، وخيرتهم بين الاستمرار في التغطية أو العودة الى الدوحة، وأننا سنتفهم قراراهم بالعودة، فحياتهم أغلى عندنا من أي شيء، لكنهم أبوا جميعا الا الاستمرار رغم تهديدات مباشرة باستهدافهم وتصفيتهم .
لقد حفظ الليبيون للجزيرة مكانة خاصا في قلوبهم، وهو شعور أحسست به في كل المدن التي زرتها، وتبادر الى ذهني القصة التي رواها لي الزميل المصور عمار حمدان الذي اعتقل مع ثلاثة من زملائه المكلفين بتغطية هجوم كتائب القذافي الوحشي على مدينة الزاوية الليبية، اعتقل الزملاء وقضوا قرابة شهرين في سجون العقيد، وروى عمار حمدان لي بعد خروجه من المعتقل كيف أن مدير السجن انتحى به جانبا قبيل الافراج عنه، وقال له والدموع تملأ عينيه (إنني آسف عما فعلناه بحقكم، لم يكن لنا خيار إلا أن نحتجزكم، وأقسم أنه لو لم يكن لي عائلة أخشى عليها من بطش القذاقي لهربت والتحقت بالثوار).
عندها ناول عمار حبة تفاح وقال له: لا أستطيع أن أهديك شيئا سوى حبة التفاح هذه، لقد قطفتها من شجرة بحديقة منزلي غرست في أرض ليبيا الطيبة، وأرجو أن تعطيها لمدير الجزيرة عندما تعود، وتقول له إن الليبيين يتحرقون شوقا للخلاص من هذا النظام الديكتاتوري، وأرجوكم ألا تخذلونا، استمروا في تغطيتكم والله يحفظكم ويرعاكم، أعاد عمار القصة على مسامعي وناولني حبة التفاح، فاغرورقت عيناي وعيناه بالدموع.
| |
|